ستبق من قد يزعل منّي و يعتقد انّى ضد الحجاب، و اصرح بقناعتي ان الحجاب فرض من الله تعالى و لا مجال للتشكيك فيه بأي شكل من الاشكال. و انا و ان كنت من المشجعين للحجاب و للمحجبات على اساس انه حرية شخصية الا ان هذا لا يمنع ايماني المطلق بفرض الحجاب. و لكن ... اي حجاب؟
قبل ان يكون الحجاب اللباس الفرض، كانت عقلية الحجاب. فالحجاب ليس خرقة تلف الرأس و حسب. كما يحب البعض (او الكثير) تشبيهه. فالحجاب قبل ان يكون لباس فهو حجاب للعقل و الخلق و التعامل...
ماذا تُغني صلاة احدهم ان لم تمنعه عن المعاصي و الرذائل؟ ماذا تُغني زكاة من سب هذا و كفّر ذاك و افترى على هؤلاء؟ ماذا تغني كل العبادات عمّن لم يدخل فؤاده طاعة الرحمن و خشية الله؟ الجواب في كل الحالات، لا شيء فالدين المعاملة. و ما بعث خير الأنام الا ليتمم مكارم الاخلاق كما قال المصطفى عليه افضل الصلاة و اتم التسليم
يَحزُنني ما ارى هذه الايام من أُناس افرغوا الايمان من محتواه، و الحجاب من اهدافه و الاسلام من رسالته السامية. فأرى بأم عينى العشرات بل المئات من الفتيات و قد تبرّجن بالحجاب كأنها الجاهلية الأولى. أغاية الحجاب خرقة من احدى دور تصميم الأزياء؟ أغاية الحجاب لفت الانظار اكثر و اكثر الى الفتاة؟ اغاية الحجاب الضحك على المولى عز وجل؟
أرى في كل يوم فتيات بانت محاسنهن اكثر ممن توقّرن بلا حجاب، يرتدين من الألوان ما يبهر الانظار و من الأزياء ما يشفٌّ ما تحته. او يجسّمه فتصبح اكثر اغراءاً ممن لا يرتدين الحجاب. فالرقاب لامعة، و الغرّة تشق عنان السماء، و البطون مكشوفة. و الظهور ظاهرة. و حتى الملابس تكاد تتفجّر بأنوثة الواحدة. و تظن انّها قد لبّت شرع الله و احتجبت.
حتى وان غابت كل هذه المظاهر، تجد الوجه و قد تفجّر الوانا. و الحواجب امضى من حد السيف. و الرموش مكسوّة بطبقة كثيفة من اثقل ما يمكن شراؤه من ماسكارا. امّا عن كريم الاساس (الفاونديشن) فحدّث و لاحرج فهو مضاد للماء و الصدمات والكدمات والوضوء. ثم العدسات اللاصقة الملونة بكل الوان الطيف. و الوان احمر الشفاه تحتاج لموسوعة لتحتوي كل الارقام الفريدة و كل درجاتها
اما عن الصوت، فحدّث ولا حرج، فلا يخرج عن البعض الا تأوّهات و آهات ذات معنى تخجل منها هيفاء وهبي، و طرق بالكعوب ليعلم من لم يرى ومن في عينه ضرر ان الانثى قد حضرت.
لكل هؤلاء اتساءل.. لم اختزلتم الحجاب ليصبح مجرد موضة؟ لماذا تتعبون انفسكم بالتبرّج الى هذا الحد؟ لم اخترتم الحجاب ان كانت هذه هي النتيجة؟ و اين روح الحجاب فيما مارستم؟ ومتى افرغ الحجاب ليصبح ضربا من اسوأ الممارسات التكبّر و التباهي بكلفته؟ و ماذا حدث للتواضع و الترفّع والبساطة و الزهد عن الاسراف؟
قبل ان نفرض الحجاب، علينا ان نعلّم بناتنا روح الحجاب، و روح الورع و الزهد و خشية الله. ولا يجب بأي حال من الاحوال فرضه على من ستدنّسه بسفور ابشع مما يخفي، فأنا لا احمّل هؤلاء النسوة كل المسؤولية في هذا الأمر، فمن ارغمهن على لبس الحجاب دون اقتناع قد ساهم بدون وعي في تشويه الفرض الإلهي و تحويله من عبادة.. الى صرعة... الى موضة